س855: شيخنا الكريم قد خرج من بين المجاهدين في العراق فئة غالية
تدعي وصلاً بالعلم تتبنى نهج الخوارج؛ حيث يقولون: الأصل في المجتمع العراقي الكفر
حتى يثبت العكس، وهم يكفرون الناس في العراق بالنسبة؛ حيث يقولون: ستين بالمائة من
الشعب العراقي رافضة، وعشرين بالمائة بعثيين خُلَّص، وعشرين بالمائة طوائف كافرة
كالنصارى واليزيدية، وخمسة بالمائة صوفية قبورية، والمسلمين الموحدين لا يتجاوزون
الخمسة بالمائة .. ولذلك فهم يحكمون بكفر الشعب العراقي .. ويقولون أن الأصل فيه
الكفر .. وبناءً على هذا الفهم السقيم يستحلون دماء وأموال الناس ..!
ويقولون كذلك: أن أي موظف الآن في العراق فهو كافر؛ كموظفي التربية
والتعليم، والصحة وغيرهم ..!
وإننا يا شيخنا إذ نوجه لكم هذه الأسئلة نضع هذا الأمر .. وترشيد
الجهاد .. أمانة بين أيديكم وفي أعناقكم .. وخصوصاً أننا الآن في بداية الطريق ..
وإننا لنخشى أن يتكرر الوضع الجزائري، وأن تعود التجربة التكفيرية الزوابرية ..
ولكن هذه المرة في ساحة العراق؟!
الجواب: الحمد لله رب العالمين. الأصل في
الحكم على المجتمع العراقي الإسلام وليس الكفر كما يقول هؤلاء الغلاة؛ ما لم يظهر
لنا العكس فحينئذٍ يكون الحكم بناء على ما يظهر لنا من كل فرد بعينه أو فئة بعينها
من دون أن نعمم هذا الحكم على مجموع المجتمع أو الناس الذين يعيشون في هذا
المجتمع.
والذي
يجعلنا نحكم بهذا الحكم القواعد الشرعية التي تُثبت ضرورة التعامل مع الآخرين
والحكم عليهم بناء على ما يُظهرون لا ما يُبطنون أو يُضمرون!
والعمل
في مجالات التربية والتعليم، والصحة وغيرها من المجالات المدنية الخدمية .. فهي
جائزة .. لا نراها سبباً موجباً للتكفير أو التضليل والتفسيق!
كما
أن القول بكفر طائفة معينة لا يلزم بالضرورة كفر كل فرد ينتمي لهذه الطائفة؛ إذ
لتكفير المعين شروط لا بد من تحققها، وموانع لا بد من انتفائها.
ثم
قولهم عن تقسيم شرائح المجتمع العراقي 60%، و20%، و5% إلى آخر تقسيماتهم المذكورة
في السؤال .. هل هي تقسيمات ناتجة عن علم ودراسة دقيقة أم عن ظن وجهل، والظن لا
يغني من الحق شيئاً؟!
ليس
بمثل هذا الظن والجهل تُقسَّم شرائح الناس .. وتُنتهك الحرمات .. وتُسفك الدماء!
إذا
كانت الحدود تُدرأ بالشبهات .. فكيف بالقتل وسفك الدماء .. فمن باب أولى أن يُدرأ
بالظن والشبهات .. وأن لا يُقتحم حماه إلا بنص صريح وعلم يقيني!
لا
يُمكن أن نبارك جهاداً يقوم على مثل هذا الغلو .. وهذا الظن والجهل .. أو يقوده
الغلاة الذين لا يتقون الله في حرمات العباد!
المعركة
في العراق ـ في هذه المرحلة ـ يجب أن تنحصر تحديداً مع الغزاة المعتدين، ومع
العملاء الصريحي العمالة والموالاة للغزاة المعتدين، أياً كانت أسماؤهم
وانتماآتهم!
وأيما
معركة تخرج عن هذا الإطار ـ في هذه الرحلة ـ فهي في غير مكانها المناسب والصحيح ..
إلا ما كان على سبيل رد العدوان والدفاع عن النفس من غير توسع ولا إسراف .. هذا
الذي نراه، وهذا الذي نوصي به، والله المستعان.
والذي
أراه كذلك أن الشعب العراقي قد خرج من حقبة قد خيم عليها الجهل، والكبت، والإرهاب،
والتعتيم، والفقر .. وهو الآن يعيش مرحلة فرز ومخاض .. وهذا يعني أنه يحتاج إلى
فترة من الزمن للوقوف مع النفس .. يُعلّم فيها الحق .. ويُفقَّه في الدين ..
ويُبين له دوره الصحيح الذي مُنع منه لفترة طويلة .. والذي ينبغي أن يقوم به ..
قبل أن نصدر بحقه الأحكام .. ونصنف الناس إلى اليمين أو الشمال، وإلى نصير أو ضد
.. وإلى فرق وجماعات واتجاهات .. والله تعالى أعلم.
إننا
نعيش في الزمان الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ فمن نحكم عليه مساء
بالكفر قد يكون في الصباح مؤمناً تائباً، ومن نحكم عليه صباحاً بالإيمان، قد يكون
في المساء كافراً .. ولا حول ولا قوة إلا بالله!