هل يجوز قتل نساء وولدان وشيوخ الكفار ابتداءً من باب المماثلة



س975: هل يجوز قتل نساء وولدان وشيوخ الكفار ابتداءً من باب المماثلة، قال تعالى:) فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ( .. راجياً من الله تعالى أن يحفظك من كيد الكائدين، ويرزقك الجنة ..؟

          الجواب: الحمد لله رب العالمين. هذا سؤال قد أجبت عنه في أكثر من موضع، وأقول هنا: قوله تعالى ) فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ( أي فيما هو مباح ومشروع؛ أما فيما حرمه الله كالكذب والخيانة، والغدر، والزنى، واللواطة، وقصد قتل الأطفال والنساء ونحو ذلك من الأعمال المحرمة في الشرع؛ فإن اعتدوا علينا بها لا يجوز أن نعتدي عليهم بها؛ لأن المعصية لا يجوز أن تُقابل بالمعصية، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك "، وقال تعالى:) وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (الإسراء:15.
          قال القرطبي في التفسير: فمن ظلمك فخذ حقك منه بقدر مظلمتك، ومن شتمك فرد عليه مثل قوله .. لا تتعدى إلى أبويه ولا إلى ابنه أو قريبه، وليس لك أن تكذب عليه وإن كذب عليك؛ فإن المعصية لا تُقابل بالمعصية ا- هـ.
          ويمكن أن يُقال كذلك أن قوله تعالى ) فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ( يفيد عموم ومطلق الاعتداء مخصص بالنصوص التي تفيد حرمة قصد قتل أطفالهم ونسائهم، وعجائزهم ممن لا شأن لهم بأمور الحرب، وكذلك النصوص التي تفيد حرمة مقابلة المعصية بمعصية؛ فيكون المعنى ) فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ( إلا فيما حرم الله فعله وإتيانه، فلا يجوز أن تعتدوا عليه في شيء من ذلك، لذلك جاء في تتمة الآية قوله تعالى: )وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (؛ أي فاتقوا الله فلا تتجاوزوا حدود العدل في العدوان فتعددوا على من لا يجوز الاعتداء عليه، أو تتجاوزوا حدود الشرع في الاعتداء فتعددوا فيما لا يجوز فيه الاعتداء.
          ونحو ذلك قوله تعالى:) وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (البقرة:190. أي لا تعتدوا في قتالكم فتقاتلون وتَقتلون من لا يجوز قتالهم وقتلهم من الأطفال والنساء، والرهبان، والشيوخ، والزَّمنى ) إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (.
          قال ابن العربي في كتابه أحكام القرآن في فقه ودلالات قوله تعالى ) وَلا تَعْتَدُوا (: ألا يُقاتَل إلا من قاتل؛ وهم الرجال البالغون، فأما النساء والولدان والرهبان والحشْوَة فلا يُقاتلون، وبذلك أمر أبو بكر الصديق رضي الله عنه يزيد بن أبي سفيان حين أرسله إلى الشام إلا أن يكون لهؤلاء إذاية ا- هـ.