س853: هناك من يستدل على استباحة دم الشعب الأمريكي ـ من دون تفريق
بين المحارب والمسالم، ولم ير لأحد منهم عهد ولا أمان ـ بانتقاض عهد قريش بسبب أن
نفراً منهم أعانوا بني بكر بالسلاح في قتلهم لرجالٍ من بني خزاعة؛ فانتقض عهد
الجميع لأنهم رضوا بذلك، وأقروا عليه ولم ينكروه، فبعضهم لم يُقاتلوا معهم، ومع
ذلك غزاهم النبي صلى الله عليه وسلم كلهم .. وكما أنهم دخلوا في عقد الصلح تبعاً،
ولم ينفرد كلُّ واحدٍ منهم بصلح إذ قد رضوا به وأقروه .. فكذلك حكم نقضهم للعهد ..
ومما يُستدل به كذلك إجلاء عمر يهود خيبر لما اعتدى بعضهم على ابنه عبد الله ...
فما رأيكم في هذا الاستدلال .. وجزاكم الله خيراً؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. هذا
الكلام والاستدلال غير صحيح ولا دقيق على إطلاقه؛ فكون دولة من الدول ـ سواء كانت
أمريكا أو غيرها ـ محاربة للإسلام والمسلمين .. هذا لا يمنع لو أن فرداً أو
أفراداً من تلك الدولة دخلوا في أمان وجوار المسلمين في بلادهم أن لا يُعطى لهم
الأمان والجوار لو أُمنوا، وكذلك لو دخل مسلم طالباً الأمان والجوار في تلك الدولة
المحاربة فقبلوا أمانه وجواره أن لا يوفي لهم بأمانهم وجوارهم!
قريش
التي نقضت عهدها .. وغزاها النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك .. لم يكن ذلك مانعاً
من أن يُؤمَّن أبو سفيان ـ وكان وقتئذٍ على الكفر ـ لما أتى لمفاوضة النبي صلى
الله عليه وسلم ليثنيه عن غزو قريش .. ومكة ..!
غزو
النبي صلى الله عليه وسلم لقريش .. لم يمنع أن يؤمِّن من كفار قريش من دخل بيت أبي
سفيان .. ولا من دخل بيت الله الحرام .. ولا من دخل بيته .. ولا من أمنه مسلم
بأمان خاص؛ كأمان أم هانئ لأحد المشركين همَّ علي رضي الله عنه أن يقتله، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:" قد أمَّنا من أمنتِ يا أم هانئ "، وكان
ذلك يوم غزو قريش .. وفتح مكة!
خلاصة القول: كون دولة من الدول
دار حرب .. تحارب الإسلام والمسلمين .. وتُعامَل معاملة أهل الحرب .. هذا شيء؛ وهو
حق متفق عليه .. والوفاء لمن دخل من تلك الدولة بأمان استثنائي خاص بلاد المسلمين
.. شيء آخر، لا يجوز الخلط بينهما؛ إذ لا يخلط بينهما إلا جاهل!