سؤال عن قول لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله



          س851: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى 35/372-373:" ومتى ترك العالم ما علمه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله، كان مرتداً كافراً يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة "ا- هـ. 
          والسؤال: ما هو دليل هذا الكلام من الكتاب والسنة ..؟!

          الجواب: الحمد لله رب العالمين. لو جاء السؤال: كيف نفهم ونفسر هذا الكلام على ضوء أدلة الكتاب والسنة .. لكان أحسن، وأليق بمقام شيخ الإسلام؛ حيث أن ابن تيمية قد أتى بالدليل بعد قوله هذا مباشرة؛ فذكر قوله تعالى:) اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (الأعراف:3.
          وبعد، فأقول: في كثير من الأحيان يُطلق العالم عبارات متشابهة، لا يمكن أن تُفهم مستقلة من دون ردها للمحكم من قوله وكلامه .. أو ردها للأصول والقواعد العامة للشريعة الإسلامية .. من تلك العبارات المتشابهة العبارة المقتطعة والمسؤول عنها أعلاه.
والذي يظهر لي أن الترك والمتابعة التي يريدها ويعنيها شيخ الإسلام من قوله أعلاه، والتي يقع صاحبها بالكفر والردة، هو ترك الاستحسان أوترك العدول، والإعراض، عن حكم الله ورسوله ـ مع علمه بأنه حكم الله ورسوله ـ وإيثار وتقديم أو تحسين حكم الحاكم أو غيره من الخلق على حكم الله ورسوله .. فمثل هذا الترك لحكم الله ورسوله .. ومثل هذه المتابعة لحكم الحاكم أو غيره .. لا شك أنها كفر وردة .. وصاحبها كما قال شيخ الإسلام كافر مرتد.
والأدلة على ذلك من كتاب الله وسنة رسوله أكثر من أن تُحصر في هذا الموضع منها، قوله تعالى:) فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (. وقوله تعال:) فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (. وقوله تعالى:) قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (. وقوله تعالى:) فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (. وقوله تعالى:) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (.
وقوله تعالى:) وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (. وقوله تعالى:)  أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (. وغيرها كثير من الآيات القرآنية التي تدل على كفر وردة من تقدم وصفه.