الانفتاح على العالم



س762: شيخنا ألا يلفت انتباهك بقوة أن علماءنا نحن أهل السنة بجميع درجاتهم ( محدثين، مفتين، مؤلفين، خطباء، دعاة، طلبة علم ) وبجميع تصنيفاتهم ( جهاديين، إصلاحيين، مستقلين، حكوميين الخ ..) رغم تمكنهم من العلم الشرعي الأصيل وامتلاكهم لمعظم أدواته، إلا أنهم يعانون من شح مدقع في الوعي السياسي والثقافي المتخصص وعدم امتلاكهم لأبسط مقوماتها مقارنة بما يتمتع به زعماء ومشائخ و الفرق البدعية والتيارات الكفرية المختلفة المتواجدة في بيئتنا ؟!

ألا تشاهد كيف أصبح هؤلاء المبتدعة يتصدرون في البرامج والصحف والأقنية الإعلامية بشكل كاسح وينظرون لخرافتهم وأفكارهم المتخلفة الرجعية وحتى خياناتهم بسبب تمكنهم المعرفي ومحصولهم الثقافي وقدراتهم على التحدث والمخاطبة "سياسياً " أو كما نقول ( يعرف يتكلم سياسة)، في حين أن كل علماءنا ومتحدثينا للأسف أو معظمهم لأكون متفائلاً , تحس بأميتهم في هذا المجال لا يستطيعون أن يوصلوا مواقفنا وأفكارنا بشكل مقنع وإيجابي وقوي ونشاهد كيف يلتهمهم مقدمي البرامج ومجري الحوارات واحد وراء الآخر إلى درجة تضطرنا للخجل وإغلاق التلفزيون أو المذياع في أغلب الأحيان !
والسؤال هو إلى جانب العلم الشرعي هل هناك مانع شرعي في عقيدتنا يحول بيننا وبين اكتساب الثقافة العامة (غير الدينية ) ومواكبة الوعي السياسي مواكبة في العمق ومن الجذور وليست اطلاعية سطحية فقط  .. لأن المستقر عندنا هو أن فقه الواقع يكمن بقراء كتاب أو كتابين أو حتى عشرة ومتابعة الصحف والأنباء بشكل دائم وأنتهي، وهذا فقط بجهد خاص وفردي بمعنى أن ثقافتنا المحلية لا يوجد بها ذلك المحفز والإرشاد فضلاً عن الخطط والبرامج التي تساعد على الاهتمام والترقي في هذه العلوم كما هو الحال في العلم الشرعي .. فما هي نظرتك لهذا الأمر وما هو رأيك وتوجيهك في هذا الموضوع .. خصوصاً للشباب الجهادي التي يحتاجها بشكل ملح جداً في ظل ظروف وأجواء الحرب اللامتوازية؟! 
الجواب: الحمد لله رب العالمين. لا نوافقكم أن الأمة تخلو من العلماء العارفين بسياسات القوم وخفايا مكرهم ودهائهم .. وأن الأمة تكاد تكون أمية في هذا المجال .. فالخير في هذه الأمة باقٍ إلى يوم القيامة .. ولكن إن أردتم القلة وعدم الكفاية .. فهذا المعنى ربما يكون أقرب للصواب.
وفي اعتقادي أن انفتاح وسائل الإعلام وقنواتها لأهل البدع والأهواء والباطل دون أهل الحق .. ليس لكفاءة الأوائل دون الآخرين، وإنما لأن وسائل الإعلام ذاتها ـ إلا ما رحم الله ـ ترعى الباطل .. ويسيسها الباطل .. وتعمل على نشر وترويج الباطل .. وبالتالي فهي لا يناسبها تقديم أهل الحق وإظهارهم .. لذا تراها تسعى في إظهار من ذكرت من أهل البدع والأهواء.
وأما عن طلب العلم في مجال معرفة سياسات القوم، وما يُدار من مؤامرات ضد الأمة فهذا مرغوب به، ولا بد للأمة من أن ينفر منها نفر يكفون الأمة في هذا الجانب، فالله تعالى بين سبيل المجرمين، وحض على معرفة سبيل المجرمين لنجتنبه ونحذره ونُحذر منه، كما قال تعالى:} وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ {الأنعام:55.