س830: تناقشت مع بعض الإخوان حول مسألة التوسل بجاه النبي صلى الله
عليه وسلم كأن يقول القائل:" اللهم إني أتوجه إليك بجاه نبيك .. "
فأوردوا كلاماً عن شيخ الإسلام أن المسألة فيها خلاف .. وقالوا: علام تنكرون علينا
والمسألة فيها خلاف .. وما رجحه علماؤنا هو الجواز؟!
كيف نرد عليهم .. وهل فعلهم هذا كفر أم هو دون ذلك .. وما حكم من
يفعل ذلك .. وجزاكم الله عنا خير الجزاء؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. لم يثبت
عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن توسلوا بذات المخلوق أو بجاهه، وإنما
الثابت عنهم جواز التوسل بالدعاء وصالح الأعمال كما في قصة الثلاثة الذين سدت
عليهم الصخرة باب المغارة أو الكهف.
ثم
إذا كانت المسألة فيها خلاف لا يعني ذلك أن كل أطراف الخلاف وأقوالهم تكون على حق؛
فالحق واحد لا يتعدد وما سواه فهو باطل .. وهذا لا يعني عدم إعذار المخالفين إن
كانوا من ذوي العلم والاجتهاد، والمسألة التي حصل فيها الخلاف تحتمل أدلتها مثل
هذا الخلاف .. فالمخالف المجتهد ـ فيما يجوز فيه الخلاف والاجتهاد ـ إن أخطأ فله
أجر، وإن أصاب فله أجران كما دل على ذلك الحديث .. أما المقلد المتعصب الذي يعلم
خطأه فيما يقلد .. وأصر على الخطأ تحت زعم أن المسألة فيها خلاف .. فإنه لا يُعذر
لو خالف الحق .. والإثم يطاله .. ونقول له: من تتبع زلات العلماء .. وجعل منها
مذهباً لنفسه .. فقد تزندق!
ونقول
كذلك: العقل والنقل يقتضيان من المرء أن يعمل بالمحكم الجائز بدليل صريح .. ويدع
المتشابه حمال الأوجه والمعاني .. الذي يحتمل الخطأ والوزر من بعض وجوهه .. فهو لو
ترك العمل بالمتشابه لا يُسأل، بل قد يُجزى خيراً، بينما لو عمل به فهو قد يُسأل
ويُحاسب على خطأه وجرأته، والله تعالى أعلم.
خلاصة
القول: لا يجوز التوسل إلى الله تعالى بذات المخلوق أو بجاهه .. فهو بدعة ضلالة ..
ولكن لا ترقى إلى درجة الكفر .. والمخالفين للحق في المسألة منهم المأجور ومنهم
الآثم بحسب التفصيل المتقدم، والله تعالى أعلم.