مودة الزوجة الكافرة



س803: كيف نوفق بين مودة الزوجة في قوله تعالى:)  وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ( وبين قوله تعالى:) لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ( والشاهد من الاستدلال أن العبد لو تزوج كتابيه وتودد إليها تناقض مع الآية الأخرى والآيات الكثيرة التي تحثنا على بغض الكفار وعداوتهم وأنه لو بغضها ولم يتودد إليها ناقض الآية الأخرى .. فكيف يكون الجمع وكيف تكون العلاقة بين المسلم وزوجته الكتابة .. وهل نبغض ونعادي الكفار لأنهم كفار أم نبغض فقط المحاربين لنا منهم .. وأما غيرهم فلا حرج بالتودد إليهم ومحبتهم .. كما قال القرضاوي في لقاء معه على الجزيرة ..؟! 

الجواب: الحمد لله رب العالمين. اعلم أن للزوجة حقاً خاصاً ومميزاً على زوجها وإن كانت كتابية كافرة، كما أن للجار حقاً خاصاً ومميزاً على جاره المسلم وإن كان كافراً .. كذلك الأبوين الكافرين لهما حق خاص ومميز على ولديهما المسلم لا يجوز أن يُحمل على غيرهما .. وهذا كله لا يتعارض مع عقيدة الولاء والبراء في الله التي يجب إحياؤها والعمل بها. 
فإن علمت ذلك فإن المراد من المودة الواردة في قوله تعالى:) وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ( العطف والإحسان، والرفق، والعشرة بالتي هي أحسن، والميل الغريزي الجنسي .. وليس المودة لذات المرأة أو لكفرها ودينها الباطل، فهذا منقطع بين الزوج وزوجته لا يجوز حصوله. 
قال القرطبي في التفسير: قال ابن عباس ومجاهد: المودة الجماع، والرحمة الولد، وقاله الحسن. وقيل: المودة والرحمة عطف قلوبهم بعضهم على بعض ا- هـ.
قلت: هذا المعنى للمودة وارد وممكن حصوله ونصوص الشريعة لا تحرمه بين الأزواج .. بل تقره وتؤكد عليه.
بينما المودة الواردة في قوله تعالى:) لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ ( يُراد بها الموالاة والمحبة والنصرة للمشركين على ما هم عليه من المحادة والعداء لله ولرسوله.
ومما يوضح هذا المعنى سبب نزولها حيث قيل أنها نزلت في عبد الله بن عبد الله بن أُبي لما استأذن النبي صلى الله عليه وسلم بقتل أبيه رأس النفاق عبد الله بن أبي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:" بل ترفق به وتحسن إليه ". وقيل أنها نزلت في أبي بكر الصديق لما صك أباه صكة لما سمعه يشتم النبي صلى الله عليه وسلم .. وقيل أنها نزلت في أبي عبيدة بن الجراح لما قتل أباه المشرك في موقعة بدر .. فأنزل الله هذه الآيات يثني على صنيعهم هذا، وأن الموالاة والمحبة منقطعة بين المؤمنين ومن كان هذا وصفهم وحالهم من المشركين والمنافقين.
والكافر يُعادى ويُبغض لكفره وشركه فإن ضم إلى كفره وشركه الحرب والكيد والعداء للإسلام والمسلمين تضاعف واشتد عداء المسلمين وبغضهم له، كما قال تعالى:) قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ (. فعلل سبب عداوة وبغضاء المسلمين الموحدين للكافرين المشركين بسبب كفرهم وعبادتهم لغير الله تعالى .. كما أنه تعالى قيد انتفاء هذه العداوة والبغضاء بإقلاعهم عن الكفر والشرك ودخولهم في الإيمان والتوحيد، وعبادة الله وحده.