من يدخل في قوله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) ومن لا يدخل



س65: قال الله تعالى:] ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون [ هلا بينتم لنا المقصود بالحكم في الآية الكريمة السابقة وما يدخل فيه وما لا يدخل فيه .. بمعنى هل يدخل فيه أي حاكم، أم هو حاكم مقيد محدد ؟؟ 
          نرجو التوضيح والبيان لأهمية هذا الأمر واشتباهه لدى البعض، ولا سيما أنه يترتب عليه أحكام خطيرة وجليلة .. وجزاكم الله خيراً، ووفقكم وأعانكم ونصر بكم الملة والدين إنه أكرم مسؤول .           
          الجواب: الحمد لله رب العالمين . هذه مسألة كبيرة بحثها على وجه التفصيل له مواضع أخرى من أبحاثنا .. وأكتفي هنا بتلخيص الجواب في النقاط التالية: 

          1- هذه الآية الكريمة يراد بها اليهود كما ثبت ذلك عن ابن عباس وغيره من أهل العلم؛ أي أن الأصل فيها أنها إذا أطلقت يُراد بها الكفر الأكبر المخرج عن الملة .. ونزلت ومراد الشارع منها الكفر الأكبر .. وليس كما يفعل بعض المعاصرين لمجرد سماعهم للكفر الوارد في الآية يحملونه مباشرة على الكفر الأصغر، والكفر دون كفر ..! 
          2- قوله تعالى:] ومن لم يحكم [ من صيغ العموم تفيد كل من لم يحكم بما أنزل الله؛ لذلك قد ثبت عن الحسن البصري قوله: أنها نزلت في أهل الكتاب، وهي علينا واجبة . 
          3- كل من يقع بما وقع فيه اليهود من التبديل لحكم الله ـ ولو كان هذا التبديل في حكم واحد ولمجرد مراعاة مشاعر الأسياد والزعماء ـ يحمل عليه الكفر الأكبر المراد من الآية.

          وإذا كان الأمر كذلك فمن باب أولى أن من يقع من الحكام بتبديل مطلق الشريعة بشرائع الكفر والطغيان .. أو يشرع الأحكام التي تضاهي شرع الله .. أو يُحارب الحكم بما أنزل الله ودعاة الحكم بما أنزل الله، لكونهم يأمرونه بالحكم بما أنزل الله، ويجند الجنود لحماية شرائع الكفر، ولمنع أحكام الله تعالى من أن تأخذ طريقها للوجود والحياة .. فمن باب أولى أن يكون هذا الحاكم أكفر من اليهود الذين حكم الله تعالى عليهم بقوله ] فأولئك هم الكافرون [، لمجرد تبديلهم لحكم واحد فقط من أحكام الله؛ وهو حكم رجم الزاني المحصن ..!

          4- من وقع في الحكم بغير ما أنزل الله على غير الوجه المتقدم، وعلى غير وجه الجحود أو الاستحلال، أو الاستهانة، أو التكذيب .. وكان محباً لحكم الله تعالى حريصاً عليه .. يحكم بما أنزل الله في جميع شؤون الحياة، ولا يُقدم عليه حكماً أو مصدراً آخر من مصادر الحكم والتشريع .. ثم هو لنزوة أو ضعف أو هوى أو اجتهادٍ خاطئ حكم بغير ما أنزل الله .. فهذا وأمثاله يُحمل عليه قول ابن عباس وغيره من أهل العلم: كفر دون كفر .. أو ليس بالكفر الأكبر الذي تذهبون إليه، والله تعالى أعلم.