إشكال حول: استغفار سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأبيه



س67: كيف نوفق بين النهي عن الاستغفار للمشركين، وبراء إبراهيم عليه الصلاة والسلام من أبيه المشرك .. وبين استغفار إبراهيم لأبويه في الكبر بعد أن وهبه الله تعالى إسماعيل وإسحاق كما في قوله تعالى:] الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء . رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء . ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب [إبراهيم:39_41.  
          الجواب: الحمد لله رب العالمين. أن هذا الاستغفار من إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأبيه كان عن موعدة وعدها إياه، فلما تبين له أنه عدو لله تعالى بوفاته على الشرك تبرأ منه وأمسك عن الدعاء والاستغفار له، كما قال تعالى:] وما كان استغفار لإبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه [ التوبة:114.

          وعلى هذا القول المأثور عن ابن عباس وغيره: فإن استغفار إبراهيم لأبيه كان في حياة أبيه طمعاً في هدايته وتوبته ـ وهذا لا حرج فيه شرعاً إن شاء الله ـ فلما مات أبوه على الشرك والكفر وأبى أن يؤمن، تبين لإبراهيم عليه الصلاة والسلام أن أباه عدو لله وأنه أبى إلا الموت على الشرك، وأن الدعاء والاستغفار لم يعد ينفعه في شيء .. وأن الله تعالى لن يغفر له؛ لأنه مات على الشرك والكفر .. فحينئذٍ تبرأ منه البراء المطلق بما في ذلك الإمساك عن الدعاء، والله تعالى أعلم. 
          وقوله تعالى:] ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم [ التوبة:113. ولا يتبين لنا بأنهم أصحاب الجحيم إلا بعد موافاتهم على الشرك والكفر والعياذ بالله؛ فدل أن النهي عن الدعاء للمشركين بعد موافاتهم على الشرك، وليس وهم أحياء.
          فإن قيل هذا يعني أن والد إبراهيم كان قد عمر كثيراً إلى أن أصبح إبراهيم عليه الصلاة والسلام كبيراً وصار عنده إسماعيل وإسحاق .. ؟
          أقول لا يوجد الدليل الذي يبطل ذلك .. والله تعالى أعلم.
          هذا ما يحضرني كجواب على السؤال .. وهذا الراجح لدي .. وهناك أقوال أخرى مرجوحة يمكن تأويلها والقول بها لو صار القول إليها، ولكن لا حاجة لذلك مع وجود القول الراجح الذي تطمئن إليه النفس، والذي قال به عدد من السلف، كما نقل ذلك عنهم الطبري وغيره .. والله تعالى أعلم.