س1151:
الشيخ حفظه الله .. قال صلى الله عليه وسلم:" صنفان من أهل النار "؛
وذكر منهما:" نساء كاسيات عاريات "؛ ثم قال صلى الله عليه وسلم:"
لا يدخلن الجنةَ ولا يجدن ريحها ".
فهل يعني ذلك أنهنَّ كافرات، وما الذي
صرف الكفر عنهن؟
الجواب:
الحمد لله رب العالمين. تمام الحديث كما في صحيح مسلم وغيره:" صنفان من
أهل النار لم أرهما: قومٌ معهم سياطٌ كأذنابِ البقر يضربون بها الناس. ونساءٌ كاسيات
عاريات مميلات مائلاتٍ، رؤوسهنَّ كأسنمةِ البُخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها،
وإن ريحها
لتوجد من
مسيرة كذا وكذا ".
هذا الحديث ونحوه من الأحاديث التي تفيد
عدم دخول بعض العصاة الجنة، كقوله صلى الله عليه وسلم:" من قتل
معاهداً لم يُرح رائحة الجنَّة، وإن ريحها توجد من
مسيرة أربعين عاماً "البخاري.
وفي رواية:" من قتل
معاهداً في عهده لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من
مسيرة خمسمائة عام ". وقوله صلى الله
عليه وسلم:" من تعلم
علماً مما يبتغى به وجه الله عز وجل، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم
يجد عرف الجنة يوم القيامة "يعني ريحها.
وقوله صلى الله عليه وسلم:" من ادعى لغير أبيه فلن
يُرح رائحةَ الجنة، وريحها يوجد من
مسيرة سبعين عاماً ". وغيرها من الأحاديث.
هذه
الأحاديث ونحوها يُمكن تفسيرها وفهمها على وجهين: أولهما أن أصحابها يمارسون هذه
المعاصي على وجه الاستحلال والاستحسان، وتقبيح ما يُضادها مما شرعه الله تعالى
وأمر به .. فحينئذٍ الأحاديث الوارد ذكرها تُحمل على ظاهرها الذي يُراد منها الكفر
الأكبر المخرج من الملة، الذي يخلد صاحبه في النار، ويحرمه من دخول الجنة مطلقاً.
ثانياً:
أن يُمارسوها من غير استحلال، مع إقرارهم بالذنب والتقصير وأنهم مرتكبون ذنباً
يستحقون عليه العقاب إلا أن تتداركهم الرحمة ويعفو الله عنهم .. فهؤلاء عصاة ليسوا
بكفار .. يُتركون إلى مشيئة الله عز وجل؛ إن شاء عذبهم، وإن شاء عفا عنهم.
والنصوص
الشرعية الواردة بحقهم تُحمل على التغليظ والترهيب، وبيان عظم الذنب، وأنه من
الكبائر، الذي يستحق صاحبه العذاب الطويل الأليم .. ونحو ذلك.
فمثلاً:
هذه المرأة التي نصْفُها عارٍ ونصفها الآخر مكتسٍ .. لو اعترفت بتقصيرها وأنها
مرتكبة ذنباً .. وهي ترجو الله أن يغفر لها وأن يهديها .. فهذه مسلمة عاصية .. لا
يجوز تكفيرها .. أما إن قالت: هذا حقي .. وهذا الذي أفعله وألبسه هو حلال لي ..
ومن حقوقي الشخصية .. لا يجوز لأحدٍ أن يُنكر علي ذلك .. وهو الزي الأجمل والأحسن
.. وضده من الحجاب والستر الذي شرعه الله تعالى ليس بجميل .. وهو لباس المتخلفات
المتزمتات .. ونحو ذلك من العبارات التي تفيد استحلالها لتبرجها ولما تلبسه من
لباس فاضح .. فهذه كافرة كفراً أكبر .. يُحمل عليها الوعيد الخاص بالكافرين
المشركين الذين يُخلدون في النار .. ويُحرمون من دخول الجنة مطلقاً.
فإن
قيل: ما هو الدليل الذي يصرف الكفر عمن يُمارس هذه المعاصي على غير وجه الاستحلال
والتحسين، وظاهر الأدلة تفيد تخليدهم في النار، وحرمانهم من الجنة شأنهم شأن
الكافرين؟
أقول:
الدليل هو قوله تعالى:) إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا
دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً
عَظِيماً (النساء:48.
والأدلة
الكثيرة الدالة على أن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم تكون لأهل الكبائر من أمته
ممن يموتون على التوحيد والتصديق.
وكذلك
الأدلة الكثيرة التي تفيد صرف الكفر عن الزناة؛ والزنى أشد إثماً ووزراً من إثم
التبرج، وكشف النساء لشعورهنّ، وبعض عوراتهنَّ.
ومن
الأدلة كذلك التي يُستدل بها هو إجماع علماء الأمة على أن هذه المعاصي لا ترقى إلى
درجة الكفر والشرك، وهي لا تكفِّر صاحبها ولا تخرجه من الملة .. وأن أصحابها
يُتركون للمشيئة بخلاف الكافر المشرك الذي ليس له في الآخرة إلا النار .. وما شذ
عن هذا الإجماع إلا الخوارج الغلاة .. وشذوذهم غير معتبر، لا يجوز الالتفات إليه.