س1150: أنا من مصر .. وأنا في
حيرة من أمري لموقف المشايخ والعلماء في مصر منها وهي مسألة تكفير الحاكم ويعلم الله أني طالب حق في هذه المسألة: فبعضهم ذهب إلى
ما ذهب إليه الألباني إلى أنه كفر دون كفر والبعض الآخر قال: إنه كفر أكبر ولكن
لا يكفر المعين إلا بعد أقامة الحجة، وسؤالي هنا: عند هذا الفريق الثاني لماذا لم
يقيموا الحجة عليه، هل حكم الله يقال على الألسنة والكتب ولا ينزل على الواقع
وهل هم متوجسون الخيفة في إنزال حكم الله على الواقع لأنهم واثقون ومتأكدون أنهم إذا
أقاموا عليه الحجة سيظل في كفره وعناده وكرهه لشرع الله واستخفاف وإعراض عنه ..
خائفون من هذا الأمر لأنهم يعلمون أن هذا الأمر لا يتوقف عند هذا الحد بل إنه
يترتب عليه إجراءت عملية أخرى وهي وجوب الخروج عليه .. هذه كلها تساؤلات أريد الجواب
عنها .. وفقك الله يا شيخ وجزاك الله خير الجزاء؟
وهناك من يقول أيضا أنه حتى لو وقع الحاكم
فى الكفر البواح لا يجوز الخروج عليه لأننا لا نقدر ولا نستطيع؛ والقدرة والاستطاعة من شروط الخروج حتي لا تكون فتنة ويسردون الآيات والتي
منها:) لا يكلف الله
نفساً إلا وسعها ( وقوله تعالى:) واتقوا
الله ما استطعتم (؟
الجواب: الحمد لله رب
العالمين. قول الشيخ الألباني بأن من الحكم بغير ما أنزل الله ما يُحمل عليه قول
ابن عباس " كفر دون كفر " لا يلزم بالضرورة أن يُحمل قوله هذا ـ وعلى
مدار عشرات ومئات السنين ـ على طواغيت يكفرون على شروط وعقيدة جهم بن صفوان .. كما
لا يلزم بالضرورة أن الأمة كلما ابتليت بطاغوت قد يكون أكفر من إبليس .. فيقال عن
كفره بأنه كفر دون كفر .. ثم يستدل بقول الشيخ ناصر .. وكأن الشيخ قد أعطى ختماً
لطواغيت الحكم والكفر .. وإلى يوم القيامة .. يعصمهم من الكفر .. ويمنع من تكفيرهم
.. إذ لا يجوز الاستدلال بكلام الشيخ وحمله على أي حاكم من الحكام .. إلا إذا عُلم
عنه باللفظ والمنطوق أنه يقول بإسلام هذا الحاكم باسمه وعينه، وهذا من الإنصاف
والأمانة في النقل!
أما
قول من يشترطون قيام الحجة، أقول: يُشترط قيام الحجة على من يجهلها
.. رغم سعيه في طلبها .. إلا أنه لا يقدر .. وحاكم مصر ليس كذلك .. فالعلم مبذول
له .. والقرآن مبذول له .. ومن مؤسساته التي يحكمه مؤسسة الأزهر التي تقيم الحجة
على الآخرين .. ثم هل يشترط قيام الحجة على حاكم اعتقل أكثر من
ستين ألف موحد .. ذنبهم أنهم أقاموا عليه الحجة بوجوب الحكم بما أنزل
الله .. وهو لا يزال يُطارد ويُلاحق المئات من الموحدين .. لا لشيء سوى أنهم
يقيمون عليه الحجة فيما يجب عليه نحو ربه وأمته وشعبه .. فاشتراط قيام الحجة على
من هم كحال حاكم مصر .. كمن يشترط قيام الحجة على إبليس .. وهو من قبيل الاستخفاف بالعقول
.. واللعب بالدين وأحكامه .. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وقول
القائل: بضرورة توفر الاستطاعة للخروج على طواغيت الحكم والكفر .. كلمة حق في كثير
من الأحيان يُراد بها باطل .. إذ العجز إن برر القعود عن الخروج والجهاد .. إلا
أنه لا يبرر ترك الإعداد والقعود عنه لدفع العجز وحصول الاستطاعة التي تمكن الأمة
من الجهاد والخروج على طواغيت
الحكم الكفر، وهذه مسألة تكلمت عنها في أكثر من موضع .. ولو راجعت على سبيل
المثال، مقالنا:" فصل الكلام في مسألة الخروج على الحكام "، قد تجد فيه
بعض التفصيل.