الألباني رحمه الله تعالى



س63:" الألباني رحمه الله مرجئٌ في باب الإيمان، ومرجئٌ غالٍ في التكفير " ما تقييمكم لهذه المقولة وبالتفصيل ؟
          الجواب: الحمد لله رب العالمين . يُعتبر الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في مسائل الإيمان والوعد والوعيد مرجئ بل وجهمي جلد. وإن كان في الظاهر ومن جهة أخرى يأتي بتعريف أهل السنة والجماعة للإيمان بأنه: اعتقاد، وقول وعمل، يزيد وينقص ..!
          يعرف ذلك المتتبع لجميع كلام الشيخ في المسألة .. وتفصيل ذلك أذكره في النقاط التالية:

          1- لمعرفة مذهب الشيخ في الإيمان .. لا ينبغي أن نقف فقط على تعريفه للإيمان من دون النظر إلى فهمه، وشروحاته، وتأصيلاته لهذا التعريف ..!
          ما قيمة أن يأتي المرء بتعريف الإيمان كتعريف .. ثم هو عند التأصيل والتقعيد، وبناء الأحكام يتعامل مع الإيمان تعامل أهل التجهم والإرجاء، وبما يناقض ويُغاير تعريفه للإيمان ..!
          هذا الذي وقع فيه الشيخ ـ رحمه الله وعفا عنه ـ، والمتتبع لكلامه في المسألة يدرك ذلك بسهولة .. ! 
          2- من لوازم هذا التعريف القول بأن الكفر كذلك يكون: بالاعتقاد، والقول ، والعمل .. لكن نجد أن الشيخ يحصر الكفر في التكذيب والاستحلال القلبي فقط .. والكفر باللسان، أو العمل لا اعتبار له عند الشيخ ما لم يكن دالاً دلالة صريحة على الاستحلال القلبي لهذا الكفر .. وللشيخ كلام كثير يدل على هذا، وإليك بعض عباراته وكلماته في ذلك:
قال في جوابه على كفر شاتم الله ورسوله كما في " الكفر كفران ":" ما نرى ذلك على الاطلاق، فقد يكون السب والشتم ناتجاً عن الجهل، وعن سوء تربية ..!!" .
" ولكننا نفرق بين الكفر المقصود قلباً وبين الكفر الذي لم يُقصد قلباً، وإنما قالباً وفعلاً ..!!" " الكفر عمل قلبي وليس عمل بدني ..!! " لا يوجد عندنا في الشريعة أبداً نص يصرح ويدل دلالة واضحة على أن من آمن بما أنزل الله لكنه لم يفعل شيئاً مما أنزل الله، فهذا كافر ..!!" والتفريق بين كفر وكفر هو أن ننظر إلى القلب، فإن كان القلب مؤمناً والعمل كافراً، فهنا يتغلب الحكم المستقر في القلب على الحكم المستقر في العمل ..!!" وغيرها من العبارات التي لا ينطق بها ولا يقرها إلا جهمي جلد في الإيمان .. لأن المرجئة يرون الكفر بالقول .. والشيخ لا يرى الكفر بالقول مجرداً كما جاء في جوابه عن شاتم الله ورسوله الذي ينقل ابن تيمية وغيره الإجماع على كفره وردته ..!
وما تقدم من كلام للشيخ هو كله مذكور في شريطه " الكفر كفران " وقد رددنا عليه مفصلاً في كتابنا " الانتصار لأهل التوحيد .. " الذي مضى على صدوره أكثر من خمس سنوات، من دون أن يصلني من الشيخ مجرد جواب أو رد ـ على خلاف عادته مع من يرد عليه أو يُخطئه ولو في تضعيف حديث كان الشيخ قد صححه ! ـ، أو يتجرأ متعصبة الشيخ على كثرتهم ـ ووقاحة بعضهم ـ أن يردوا عليه الرد العلمي الصحيح، بعيداً عن الكذب وعبارات التجريح .. مما يجعلنا نجزم ولله الحمد والمنة والفضل بصواب ما كنا قد قررناه عن الشيخ ومذهبه في المسالة !
وفي كتابه التحذير من فتنة التكفير،صفحة 68 يقول: خلاصة الكلام: لا بد من معرفة أن الكفر ـ كالفسق والظلم ـ ينقسم إلى قسمين: كفر وفسق وظلم يُخرج من الملة، وكل ذلك يعود إلى الاستحلال القلبي !
وآخر لا يُخرج من الملة؛ يعود إلى الاستحلال العملي ..!!" ا- هـ. أي لو استحل الكفر بالقول والعمل لا يكون كافراً حتى يأتي دليل على أنه استحله بقلبه .. وهذا عين قول جهم ..!!
وقال في كتابه الأخير من السلسلة الصحيحة 6/112:" الكفر قسمان: اعتقادي وعملي . فالاعتقادي مقره القلب . والعملي محله الجوارح ..!!" مما دل أن الشيخ عندما يتكلم عن الكفر العملي فهو لا يريد من ذلك تقسيم السلف للكفر، أو مراد الشارع من تسمية بعض الذنوب والمعاصي ـ التي هي دون الكفر ـ بالكفر .. وإنما يريد كل كفر يُمارس على الجوارح الظاهرة .. فهو عنده من الكفر العملي الأصغر الذي لا يخرج صاحبه من الملة ..!!
3- ثم كيف يستقيم تعريف الإيمان بأنه: اعتقاد وقول وعمل .. وقول الشيخ بأن الذي لم يعمل شيئاً من أركان وواجبات الدين .. ولم يقل مرة ربي اغفر لي خطيئتي يوم الدين .. هو مؤمن وليس كافراً ..؟!!
4- كيف يستقيم قول الشيخ: أن الإيمان يزيد وينقص .. وقوله في " الكفر كفران " وغيره أن من لم يحكم بما أنزل الله مرة مثله مثل من لم يحكم بما أنزل الله مائة مرة .. ألف مرة .. الخ، من حيث الأثر على إيمان أو كفر المرء ؟!!
لأجل ذلك كله قلنا أن الشيخ في مسألة الإيمان والوعد والوعيد هو جهمي جلد .. والعبارة المقالة في الشيخ، والمسؤول عنها في السؤال أعلاه هي حق وصواب .. مع وجود بعض التحفظ على التفريق بأنه في الإيمان مرجئ .. بينما في التكفير هو مرجئ غالٍ؛ لأن من كان في الإيمان مرجئ فهو في التكفير مرجئ، والعكس كذلك .. ومن كان في الإيمان مرجئ غالٍ أو جهمي فهو في التكفير كذلك مرجئ غالٍ أو جهمي، والعكس كذلك .. والله تعالى أعلم. 
          مع التنبيه: أن ما تقدم لا يمنع من أن نحفظ للشيخ فضله ومكانته .. فإن له فضلاً على الأمة كبير لا يجحده إلا ظالم متحامل .. نعوذ بالله من الظلم والجور .. ونسأله تعالى أن يرحم الشيخ ويعفو عنه، وأن يجعل من حسناته الكثيرة ما يجب سيئاته ويمحها، إنه تعالى سميع قريب.