شبهة الاستدلال بالحجاج على عدم تكفير الطواغيت المجرمين



س1185: كثر استدلال مشايخ ودعاة الإرجاء بهذا الحديث، عن الزبير بن عدي قال: شكونا أنس بن مالك ما نلاقيه من الحجاج، فقال:" اصبروا، فإنه لا يأتي عليكم زمانٌ إلا والذي بعده أشر منه حتى تلاقوا ربكم، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم " البخاري. في الدفاع عن الحكام .. واستدلوا بالحديث على ضرورة الصبر على حكام هذا العصر .. واعتبارهم ولاة شرعيين .. وقالوا: الحجاج قتل بعض الصحابة .. ورمى الكعبة بالمنجنيق .. ومع ذلك من الصحابة من صلى خلفه .. وكان أنس بن مالك رضي الله عنه يأمر بالصبر عليه .. وقالوا: فمن باب أولى أن نصبر على حكام وولاة هذا العصر .. وهم لم يفعلوا فعل الحجاج .. فكيف يُرد ويُجاب على هذه الشبهة .. وهذا الاستدلال، وجزاكم الله خيراً؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. يُرد على هذه الشبهة وهذا الاستدلال من أوجه:

منها: أن الحجَّاج لم يكن هو الوالي أو الخليفة .. وإنما كان عاملاً ومُستخدماً لحماية الخلافة والخلفاء الأمويين .. وما وقع به من أخطاء وظلم وإفراط في القتل والانتقام .. كان من قبيل دفاعه عن الخليفة والخلفاء .. لذا وُجد من السلف من كان يتأول له أخطاءه وظلمه .. ويرى الصبر عليه أولى من قتاله .. بينما طواغيت الحكم في هذا العصر .. يُقاتلون ويقتلون المسلمين لدينهم .. ومن يُطالبهم بأن يحكموا المسلمين وبلادهم بما أنزل الله .. أو يقيموا في بلاد المسلمين دولة الخلافة .. فشتان شتان بين دوافع وأسباب الظلم والطغيان عند الحجاج ودوافع وأسباب الظلم والطغيان عند هؤلاء الحكام.
ومنها: أن الحجاج لم يبدل شرع الله .. ولم يستورد للأمة شرائع الكفر والمجون من الغرب أو الشرق كما يفعل المخنثون من طواغيت الحكم في هذا العصر!
ومنها: أن الحجاج كان مجاهداً .. يُجاهد في سبيل الله .. يُقاتل الشرك والمشركين .. وُيرابط في الثغور التي ينتدبه إليها خليفة زمانه .. وقد فتح الله على يديه كثيراً من البلاد لتنضم إلى أرض الإسلام .. وليدخل أهلها أفواجاً في الإسلام أو في سلمه وأمانه .. بينما طواغيت الحكم في هذا العصر .. يجرمون الجهاد والمجاهدين .. وهم مع ذلك قد باعوا البلاد وخيراتها وثرواتها للعدو الكافر .. وتواطؤا ـ ظاهراً وباطناً ـ مع أعداء الأمة .. على الأمة ودينها وأبنائها .. فأين هم من الحجاج .. ومن جهاد الحجاج .. ومن رجولة الحجاج؟!
ومنها: رغم ما تقدم من حسنات للحجاج .. وتأويل .. لم تمنع بعض السلف من تكفيره .. والقول بكفره .. للمظالم التي وقع بها .. فكان الشعبي يقول:" أشهد أنه ـ يعني الحجاج ـ مؤمن بالطاغوت كافر بالله ".
وقال طاووس:" عجباً لإخواننا من أهل العراق يسمون الحجاج مؤمناً ".
وبالتالي علام مشايخ الإرجاء هؤلاء .. يستنكرون علينا تكفير طواغيت الحكم في هذا العصر .. وليس عندهم شيء من حسنات الحجاج .. بل عندهم عشرات أضعاف طغيانه وظلمه؟!
ومنها: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه يُفيد الصبر على الحجاج وليس على الشر الذي يأتي بعده .. وبخاصة منه الذي يبلغ درجة الكفر البواح!
ومنها: ليس بمثل هذا الدليل المتشابه في دلالته .. تُرد الأدلة المحكمة في ثبوتها ودلالتها التي تُلزم بتكفير طواغيت الحكم والكفر .. والخروج عليهم!
فالفقه يقضي وكذا العدل بإعمال جميع النصوص بعضها مع بعض .. وعدم ضرب بعضها ببعض .. أو رد المحكم منها بالمتشابه .. لكن مشايخ الإرجاء ـ دعامة طواغيت الحكم والظلم ـ أنَّى لهم بهذا الفقه وهذا العدل ..؟!
بهذا أرد على الشبهة الواردة في السؤال أعلاه ..!