قتل النفس خوفاً من الإدلاء للعدو بمعلومات عن المجاهدين



س1025: شيخنا .. هل للخارج في سبيل الله إذا وقع في أسر العدو أيَّاً كان هذا العدو .. وخاف أن يدل على إخوانه الذين ساعدوه في الوصول إلى ساحات الجهاد .. أو يدلي بمعلومات تضر بهم .. هل يجوز له أن يلجأ إلى الإضراب عن الطعام .. أو إلى الانتحار؛ حتى يتفادى الوقوع فيما تقدمت الإشارة إليه .. وجزاكم الله خيراً؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين. أما الانتحار، وقتل المرء لنفسه بنفسه؛ فقولاً واحداً لا يجوز مهما كانت الظروف أو الأسباب الداعية إلى ذلك، لقوله تعالى:) وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً (النساء:29. 
ولقوله صلى الله عليه وسلم:" مَن قتل نفسه بحيدةٍ فحديدتُه في يده يتوجَّأُ بها في بطنه في نار جهنَّمَ خالداًَ مخلداً فيها أبداً، ومن شرب سَمَّاً فقتل نفسه فهو يتحسَّاه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردَّى من جبلٍ فقتلَ نفسه فهو يتردى في نار جهنَّم خالداً فيها أبداً " مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم:" من قتلَ نفسه بشيء في الدنيا عُذِّب به يوم القيامة " مسلم.
ونقول كذلك: أن المؤمن مُبتلى ويُبتلى على قدر دينه؛ فإن كان في دينه شدة وقوة اشتد عليه البلاء .. والبلاء يواجه بالصبر والثبات والاحتساب .. وليس بالانتحار وقتل النفس .. كما قال تعالى:) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (البقرة:155. وقال تعالى:) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (محمد:31.
وقد ابتلي الصحابة والسلف الصالح من قبل بجميع صنوف البلاء؛ بما في ذلك السجن، والتحريق في الماء المغلي ـ كما حصل للصحابي عبد الله بن حذافة السهمي ورفاقه عندما كانوا معتقلين في بلاد الروم ـ فما صدهم ذلك عن دينهم، وما التجأوا إلى الانتحار أو حتى فكروا به .. حاشاهم ذلك!
أما الإضراب عن الطعام؛ إن كان يؤدي إلى الوفاة أو هو إضراب حتى الوفاة فهو انتحار وقتل للنفس .. وقد تقدمت الأدلة الدالة على حرمة قتل المرء لنفسه بنفسه .. أما إن كان إضراباً جزئي لا يؤدي إلى الوفاة .. لكي يلفت نظر ظالميه والرأي العام إلى مظلمته .. وكان يرجح لديه أن هذا الإضرار النسبي لنفسه بسبب الإضراب عن الطعام سيؤدي إلى رفع ضررٍ أكبر عن نفسه وعن إخوانه .. فحينئذ هذا الإضراب الجزئي عن الطعام بهذه الشروط لا حرج فيه إن شاء الله، والله تعالى أعلم.