س820: ما هو الراجح في قتال أهل الحرب في الأشهر الحرم، وكيف نفهم
ونفسر قوله تعالى:) فَإِذَا انْسَلَخَ
الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ
وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ (. وجزاكم الله خيراً؟
الجواب: الحمد لله رب
العالمين. الراجح من الأدلة حرمة ابتداء قتال العدو في الأشهر الحرم إلا ما كان
على وجه الدفاع ورد العدوان، والمعاملة بالمثل .. والأشهر الحرم هي التي بينها
النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:" السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حُرُم:
ثلاث متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مُضر الذي بين جُمادى وشعبان
" متفق عليه.
أما
الدليل الذي يفيد حرمة ابتداء القتال في الأشهر الحرم، هو قوله تعالى:) يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ
فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ( أي القتال فيه أثمه عظيم وكبير.
وكذلك
قوله تعالى:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا
شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ (.
قال
القرطبي في التفسير:) وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ ( اسم مفرد يدل على الجنس في جميع الأشهر الحرم وهي أربعة: واحد
فرد، وثلاثة سرد، والمعنى: لا تستحلوها للقتال ولا للغارة ولا تبدلوها ا- هـ.
وكذلك
قوله تعالى:) إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا
عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ
أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ
كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (.
قال
ابن حجر في الفتح 8/175:) فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ( أي في الأربعة باستحلال القتال ا- هـ.
أما
الدليل الذي يجيز القتال في حالة الدفاع ورد عدوان الصائل على البلاد والعباد في
الأشهر الحرم، قوله تعالى:) الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ
وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ
مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ
الْمُتَّقِينَ (. أي إن اعتدوا عليكم في الشهر الحرام واستحلوا منكم شيئاً فاعتدوا
عليهم في الشهر الحرام كما اعتدوا عليكم في الشهر الحرام، واستحلوا منهم ما
استحلوه منكم.
وفي
الحديث فقد صح عن جابر بن عبد الله أنه قال:" لم يكن رسول الله صلى الله عليه
وسلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يُغزى ".
والأمة
الآن تُغزى من أعدائها، ويُعتدى عليها وعلى حرمات أبنائها بكل ما تعني كلمة
الاعتداء من معنى، وبالتالي لا حرج عليها ـ والحال هذا ـ أن تقاتل العدو وترد
عدوانه عن الأوطان والحرمات، وتقابل عدوانه بعدوان مماثل ـ ولو في عقر داره ـ في
الأشهر الحرم وغيرها من أشهر السنة، والله تعالى أعلم.