هل يشترط في الخليفة أن يكون من بني هاشم أو من قريش



س818: هل صحيح أن خليفة المسلمين في الدولة الإسلامية لا بد وأن يكون من نسل بني هاشم .. وإذا كان ذلك صحيحاً فكيف نرد على من يقول أن ذلك من قبيل التفرقة العرقية في الإسلام والعياذ بالله .. وهل يعني ذلك أن الطالبان كان حكمهم غير شرعي؟؟ 
الجواب: الحمد لله رب العالمين. القول بأن الأئمة أو الخلفاء يجب أن يكونوا من بني هاشم باطل وهو غير صحيح، وإنما وردت الأدلة على أن الأئمة من قريش لما كان لقريش من دور ومكانة بين العرب تؤهلها لهذه المهمة العظيمة والهامة.
ولكن هل القرشية شرط لصحة الخلافة والإمامة أم لا ..؟

المسألة فيها خلاف بين أهل العلم: فريق منهم عدها شرطاً لا تصح الإمامة إلا بها، وفريق لم يدخلها كشرط .. والراجح عندي أن القرشية ليست شرطاً، وأن الخلافة لو قامت وأسند أمر  الإمامة والخلافة لغير قرشي يسوس الأمة بالكتاب والسنة فإن إمامته صحيحة وطاعته واجبة، لقوله صلى الله عليه وسلم:" إن أُمِّرَ عليكم عبدٌ مُجدَّع ـ أي مقطوع الأطراف ـ يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا " مسلم.
ولقوله صلى الله عليه وسلم:" إن أولى الناس بي المتقون، من كانوا وحيث كانوا ". المهم التقوى .. وأن يقود الأمة بكتاب الله وسنة رسوله .. من كان وحيث كان.
ولثنائه صلى الله عليه وسلم على الجيش الذي يفتح القسطنطينية وأمير ذلك الجيش .. وكان أمير ذلك الجيش كما هو مشهور " محمد الفاتح " الخليفة العثماني، وهو غير قرشي .. فهذه الأدلة وغيرها تصرف القرشية كشرط لصحة الإمامة والخلافة.
ويُقال كذلك أن الأئمة من قريش ما عدلوا واتقوا الله، وحكموا بكتاب الله .. أما إن ظلموا ولم يحكموا بكتاب الله فلا ولاية لهم ولا إمامة، لقوله تعالى:) وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (.
وقال صلى الله عليه وسلم:" الأمراء من قريش ـ ثلاثاً ـ ما فعلوا ثلاثاً: ما حكموا فعدلوا، واستُرحموا فرحِموا، وعاهدوا فوفَوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين "[ أخرجه أحمد وغيره، صحيح الترغيب:2189 ].
          فقوله صلى الله عليه وسلم " ما فعلوا ثلاثاً " هو شرط لصحة إمامتهم وإمارتهم؛ أي إن لم يلتزموا بهذه الخصال الثلاث ـ وإن كانوا قرشيين ـ لا إمامة لهم ولا إمارة .. بل عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
وأما سؤالك عن الطالبان وحكمهم ..؟
أقول: من خلال ما تقدم أرجو أن يكون قد ظهر لك أن حكمهم كان شرعياً، وكونهم غير قرشيين لا يؤثر ذلك على شرعية حكمهم .. بل العتب عليهم كل العتب أنهم أعلنوا عن دولتهم ونظام حكمهم " كإمارة إسلامية " وليس كخلافة إسلامية؛ وهذا كان خطأ شرعياً وسياسياً واستراتيجياً كبيراً .. ساعد على النتائج التي وصلت إليها حركة ودولة الطالبان.
الإمارة تكون فرعاً عن أصل، والأصل هنا " الخلافة " فأين الأصل ..؟!
لنقيم أولاً " الخلافة الإسلامية الراشدة " ثم بعد ذلك نفرع عنها الإمارات والولايات ..!
إحجام الطالبان عن اعتبار وتسمية دولتهم " بالخلافة " واعتبارها مجرد إمارة .. أفقد دولتهم انتماء وولاء ونصرة جميع المسلمين في الأرض على اعتبار أن الإمارة هي إمارة إفغانية لا تتعدى الشعب الإفغاني .. وأن أميرها ـ حفظه الله ونصره ـ هو أمير على أفغانستان وشعبها وحسب .. دون غيرهم من المسلمين في بقية الأمصار .. وهذا خطأ جسيم أرجو أن لا يتكرر لو قدر الله تعالى لدولة الطالبان أن تعود من جديد .. وما ذلك ببعيد إن شاء الله.