س836:
كتب بعضهم:" المقدسي مضطرب في تكفير دولة آل سعود، وقد حاججنا من تعصب له في
هذه المسألة؛ مسألة تكفير الدولة السعودية .. فقلنا لهم: هل يكفر الشيخ التركي؟ هل
يكفر صالح آل الشيخ؟ هل يكفر اللحيدان؟ فإن قلتم: لا يكفرون، فأساس كفر دولة آل
سعود قد تهدم؛ لأن كل هؤلاء جزء لا يتجزأ من نظام الدولة، وإن قلتم يكفرون، بانت
حقيقتكم "!
والسؤال: ما هو توجيهكم .. غفر الله
لكم؟
الجواب:
الحمد لله رب العالمين. هذا السؤال كان ينبغي أن يوجه لأخينا الشيخ الأسير ـ رهينة
التوحيد ـ أبي محمد المقدسي .. ولكن لعلمنا بأسره في سجون الطواغيت الظالمين الذي
يحيل بينه وبين الإجابة عن مثل هذه الأسئلة، أجيب ـ مستعيناً بالله ـ عن هذا
السؤال في النقاط التالية:
1- ليس الشيوخ الوارد ذكرهم في السؤال
ولا غيرهم من مشايخ هذا العصر معصومين عن الوقوع في الكفر أو الردة، والنفاق
وبالتالي فمن وقع منهم في الكفر ـ من غير مانعٍ شرعي معتبر ـ يجب أن يُكفَّر بعينه
ولا بد .. فحكم الله لا يُحابي أحداً .. ولا يستثني أحداً دون أحد!
2- لما كان كفر النظام السعودي مشكلاً
على كثير من الناس .. لشدة تلبيس النظام عليهم من جهة بعض ما يُظهره ويُصرح به من
تمسكه بالكتاب والسنة، والعقيدة الصحيحة .. وطبعه للمصاحف .. تعين توسيع ساحة
التأويل والأعذار بحق من يُخطئون بحق هذا النظام .. أو يُظهرون نحوه نوع موالاة
وتأييد .. وبخاصة إن كان هذا المخطئ يعتمد على بعض الأدلة الظنية المرجوحة في
تبرير ما عليه من خطأ!
3- لكن هناك نوع من الموالاة والنصرة
والتأييد لهذا النظام .. ولما يُظهره من كفر .. تضيق معه ساحة التأويل والأعذار ..
فمن أظهره وعُلم عنه بيقين يُكفَّر بعينه أياً كان اسمه وكان موقعه .. أو اتسع
صيته .. فحكم الله لا يُحابي أحداً!
4- إن ثبت عن أخينا الشيخ أبي محمد
المقدسي أنه لم يُكفر أحداً ممن ذُكر اسمه في السؤال، فهو لرجحان الظن عنده أنهم
لم يُظهروا هذا النوع من الموالاة والنصرة والتأييد لما يُظهره النظام من كفر ..
التي تستلزم تكفيرهم بأعيانهم .. وعلى اعتبار خفاء كفر النظام عليهم .. وجهلهم
بحقيقته .. وغير ذلك من الأعذار والموانع التي تؤثر على الحكم .. والله تعالى
أعلم.
5- مما يؤخذ على كثير من علماء الجزيرة
أنهم ارتضوا لأنفسهم ـ ومنذ زمن ـ أن لا يتدخلوا في شؤون الدولة .. والسياسة
والحكم .. إلا فيما تأذن به الفئة الحاكمة المتسلطة .. ويدخل في صالحهم .. وصالح
ملكهم .. وكأنهم ليسوا من حقهم أن يتدخلوا في شؤون الحكم والسياسة .. وما يُحاك ضد
أمتهم من مؤامرات .. فشؤون الحكم والسياسة للأسرة السعودية المالكة وحسب .. أما آل
الشيخ ومن دخل في سلكهم من العلماء والشيوخ .. فلهم الشؤون الدينية والإفتاء في
الأمور التعبدية فقط على أن لا يتعدوا ذلك إلى التدخل في شؤون الحكم والسياسة ..
والإدارة العامة للبلاد .. فاقتراب الشيوخ من ساحة السياسة جريمة " خوارجية
" لا تغتفر!
راجع ـ إن شئت ـ فتاوى اللجنة الدائمة
للبحوث العلمية والإفتاء .. وغيرها من فتاوى كبار العلماء .. وهي قد تتعدى العشرة
مجلدات .. فستجدها لا تخرج عن هذا الوصف الذي ذكرناه عنهم!
أقول: هذه السياسة ـ القديمة الحديثة ـ
المتبعة في الدولة السعودية .. جعلت من غالب العلماء والشيوخ في الجزيرة لا يعيشون
حقيقة واقعهم .. ولا يعرفون الكثير عن دهاليز السياسة والحكم .. وما يجري حولهم ..
وما يُحاك ضد أمة الإسلام من كيد وتآمر .. ولا حتى حقيقة النظام الذي يحكمهم ..
وهذا لا شك أنه مراعى ومعتبر عند وقوعهم في الخطأ .. أو إعمال حكم الكفر بحق أحدٍ
منهم!