حكم الاستغاثة بغير الله والطواف بالقبور


س22: ما حكم عوام المسلمين أولئك الذين يستغيثون بغير الله، وقد يطوفون بالقبور وينذرون لأصحابها ـ وللأسف هم أغلب المسلمين ـ هل هم كفار، أو متى يكونون كفاراً، وإن كانوا بحاجة إلى إقامة الحجة عليهم فما ضوابطها، وما هو حد إقامة الحجة عليهم .. أرجو من فضيلتكم إفادتي في هذا الموضوع .. وجزاكم الله خيراً ؟؟ 
الجواب: الحمد لله رب العالمين. الاستغاثة بغير الله فيما هو من خصوصيات الله تعالى، كما في صورة الدعاء والطلب فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى .. وكذلك النذر للقبور والطواف حولها .. هو من الشرك الأكبر المنافي لأصل الإيمان والتوحيد .

أما ما حكم من يفعل ذلك من عوام المسلمين .. ينظر لحالهم وظروفهم فإن وجدت في حقهم موانع التكفير المعتبرة شرعاً .. تعين التوقف عن تكفيرهم بعينهم إلى أن تقوم عليهم الحجة الشرعية التي تدفع عنهم الموانع التي حالت بينهم وبين معرفة الحق، وكانت سبباً في وقوعهم في هذا النوع من الشرك .. مع البقاء على القول بكفر العمل الذي يقومون به .
أما إن تبين وثبت انتفاء موانع التكفير عنهم، ثم هم مع ذلك يمارسون الشرك الآنف الذكر .. فإنه يتعين القول بكفرهم بأعيانهم والحكم عليهم بالردة ولا بد، ولا يُشترط لذلك قيام الحجة عليهم؛ لأن الحجة قائمة عليهم .. ولكن هم الذين أعرضوا عنها فلا يعملون بها، بل ولا يُصغون إليها .. فيكون اشتراط قيام الحجة عليهم ـ رغم قيامها عليهم ـ في هذا الموضع هو من العبث الذي لا يليق بالمؤمن .. وهو كذلك يُعتبر تعطيلاً لأحكام الله تعالى من أن تأخذ طريقها للواقع وإلى حيز الوجود ! 
أما سؤالكم عن حد وضوابط قيام الحجة ..؟ 
فأقول: هو القدر من العلم الشرعي الذي يندفع به جهل الجاهل فيما قد جهل فيه وخالف، لمانع معتبر .
ولبيان ذلك نضرب مثالاً كما ورد في السؤال:لو وجد شخص يعبد القبور من جهة الاستغاثة والدعاء لجهل معتبر .. فالحجة تقوم عليه بإيصال المعلومة الشرعية ـ قال الله قال رسوله ـ التي ترفع عنه الجهل فيما قد وقع فيه من الشرك والمخالفة تحديداً .. أي لو أوصلت إليه الدليل على حرمة الخمر، والزنى، والسرقة، وشهادة الزور وغيرها لا تكون بذلك قد أقمت عليه الحجة الشرعية حتى توصل إليه المعلومة الشرعية التي تتضمن الدليل على حرمة ما هو عليه من الشرك ومن عبادة للقبور .. كذلك لو كان كفره من جهات ثانية لا بد من أن تقيم عليه الحجة الشرعية التي تحسم وتستأصل ذات الجهل عنده فيما قد خالف فيه .
وهذه المعلومة الشرعية لا يُشترط لحملها إليه أن ينقلها له عالم أو مجتهد ـ كمـا يقول
البعض ـ بل يكفي أن تصله ـ بلغة يفهمها ـ بأي طريقة ووسيلة كانت .. فإن قبلها وعمل بها فبها ونعمت، وإن أعرض عنها وردها، أو استهان بها ولم يلتفت إليها .. لزمته الحجة في الدنيـا والآخرة، وتعين القول بكفره بعينه ولا بد .. والله تعالى أعلم .
          وحجم الحجة ونوعها تختلف بحسب نوع المسائل التي تمت المخالفة فيها .. وكذلك بحسب المخالف والشبهات المحيطة به وبمخالفته .. فهذا كله ينبغي أن يكون معتبراً عند قيام الحجة على المخالفين .
          هذا باختصار وتفصيل ذلك تجده في كتابنا " العذر بالجهل وقيام الحجة " وغيره من الأبحاث المتخصصة في المسألة والمنشورة في موقعنا على الإنترنت .
          بقي تحفظ أخير على قولك: وللأسف هم أغلب المسلمين .. وما أدراك .. هل قمت بدراسة إحصائية دقيقة على أكثر من مليار مسلم في العالم ثم تبينت معك مثل هذه النتيجة .. لماذا لا يكونون النصف أو الربع، أو أكثر من ذلك أو أقل ..؟؟!!
          فإن عجزت عن الإجابة على هذه الأسئلة ـ ولا بد لك من أن تعجز ـ علمت أن هذا الاطلاق غير صحيح ولا دقيق ..!