س1145: ذكرت في شرح العقيدة الطحاوية على البالتوك أن الرسول صلى
الله عليه وسلم لم يداوم على صلاة التراويح لكي لا يعتبرها المسلمون فرض وسؤالي .. لماذا إذاً لا نعتبر طريقة الرسول في قيام الدّولة
فرض لأنه داوم عليه، وإذا كان هناك فرق فأرجو التوضيح وشكراً لكم؟
الجواب: الحمد لله رب
العالمين. لعلك تقصد بالطريقة " طلب النصرة " التي يقول بها حزب
التحرير، ويجعلها من فروض الأعيان .. فإن كان هذا هو مرادك كما هو ظاهر .. أجيبك
عن سؤالك في النقاط التالية:
1-
كثير من النوافل كان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم عليها .. ومع ذلك مداومته
عليها لم تحولها إلى فرض، على سبيل المثال: ركعتي السنة قبل الفجر كان صلى الله
عليه وسلم لا يدعهما.
2-
طلب النصرة وسيلة من الوسائل الدعوية العسكرية .. التي كانت تناسب عصر النبوة ..
حيث كان للعائلة أو القبيلة وشيخ القبيلة الدور البارز والبعد الكبير عند العرب ..
وبخاصة فيما يتعلق بمسألة الحماية والإجارة والنصرة .. ومع مرور الزمن ضعفت هذه
التجمعات والروابط .. وأصبحت الكلمة والقوة النافذة للدولة .. وللشعوب .. وللأمم
.. والتكتلات الدولية والقطرية الضخمة .. وبالتالي التمسك بوسيلة طلب النصرة كما
كانت عليه في عهد النبوة كفرض لا يجوز تعديه أو تجاوزه .. هذا يعني أنك حكمت على
المسلمين بالشلل .. وعدم التحرك شبراً واحداً نحو قيام خلافة راشدة واستئناف حياة
إسلامية .. هذا إذا أضفنا البعد الأمني وتعقيداته الواسعة الذي لا يسمح بتمرير مثل
هذه الوسائل .. وتجربة حزب التحرير التي تجاوزت الستين عاماً خير برهان على ذلك!
3-
القول بوجوب اتباع وسيلة طلب النصرة .. يلزم منه القول بوجوب وفرضية اتباع كثير من
الوسائل الدعوية والعسكرية التي كانت سائدة في عهد النبوة .. وحرمة كل ما يخالفها
في زماننا .. وهذا لا يقول به أحد.
لماذا
لا يُقال أن النبي صلى الله عليه وسلم قد داوم على ركوب الخيل والإبل .. وبالتالي
أصبح واجباً على المسلمين في زماننا وكل زمان أن يركبوا الدواب والبغال والخيل ..
وأن يُقاتلوا عليها؟!!
لماذا
لا يُقال أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقام دولته بعد الهجرة إلى المدينة ..
وبالتالي قيام أي دولة .. يجب أن يسبقها عملية هجرة جماعية كما فعل المسلمون
الأوائل ..؟!!
لماذا
لا يُقال أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقام الدولة بعد عشرة أعوام من المرحلة
المكية .. وبالتالي لا بد للمسلمين من أن يستأنفوا دولتهم في عشرة أعوام لا يزيدون
ولا ينقصون!
لو
قلنا بفرضية ووجوب وسيلة طلب النصرة .. لجاز لغيرنا أن يقول بوجوب وفرضية عشرات
الوسائل كان يُعمل بها في عهد النبوة .. ولفتحنا باباً لا يمكن غلقه أبداً!