س53:
لقد كان لدي إشكالية في فهم كلام للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وهو قوله
وهو يعدد رؤوس الطواغيت: الثاني: الحاكم الجائر المغير لأحكام الله تعالى، والدليل
قوله تعالى:] ألم تر إلى الذين يزعمون
أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد
أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً [ .
الثالث: الذي يحكم بغير بما أنزل الله،
والدليل قوله تعالى:] ومن لم يحكم بما أنزل
الله فأولئك هم الكافرون [ .. ا- هـ .
فأرجو بيان الفرق بين الثاني والثالث ..
وجزاكم الله خيراً ؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين . الحاكم
المغير لأحكام الله هو الذي يكون له وصف المشرع؛ فيشرع التشريعات والقوانين
المغايرة والمخالفة لشرع الله .. وقد يكون هذا المغير لأحكام الله عمله مقصوراً
على عملية التشريع والتغيير فقط دون أن يباشر هو بنفسه تنفيذ الحكم بهذه القوانين
والتشريعات .. كما هو حال النواب في المجالس النيابية التشريعية في الأنظمة
الديمقراطية؛ حيث يقتصر عملهم على سن القوانين والتشريعات .. وهؤلاء يُحمل عليهم
الطاغوت الثاني الذي أشار إليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله!
بينما الحاكم بغير ما أنزل .. هو الذي
يحكم بالقوانين والتشريعات التي شرعها له المشرعون المغيرون لأحكام الله -عز وجل-
.. وبالتعبير المعاصر هم السلطة التنفيذية ـ الوزراء ـ التي تحكم بالقوانين التي
تتلقاها من السلطة التشريعية الطاغوتية .
ومن الطواغيت التي تدخل كذلك في معنى
واسم الطاغوت دخولاً كلياً .. التشريع ذاته بعيداً ومستقلاً عن سلطة وهيمنة مشرعه
.. كالدساتير الوضعية التي تحتكم إليها كثير من الشعوب والدول في زماننا المعاصر
..!
فإن قيل هل من الممكن أن تجتمع هذه
الطواغيت الثلاث في شخص طاغوت واحد؛ بحيث يكون هو المشرع والمغير لحكم الله ..
وبنفس الوقت يباشر بنفسه مهمة الحكم بما قد شرعه وغيره وبدله من أحكام .. ويكون
تشريعه هو المعمول به والمنقاد له في حياته وبعد مماته ..؟!
أقول: نعم، من الممكن أن يجتمع ذلك الشر
كله في شخص واحد .. وطغيانه حينئذٍ يكون مركباً ومغلظاً .. كما هو حال كثير من
طواغيت الحكم في زماننا !!