Pages

إلقاء القصائد والمدائح النبوية في المساجد



س79: نرجو إفتاءنا في قضية المدائح النبوية وبأصوات جميلة رجالية، وداخل بيت من بيوت الله ؟
          الجواب: الحمد لله رب العالمين. إحداث الحِلَق في المساجد من أجل الإنشاد، ورفع الأصوات فيها بالمدائح وغيرها .. لم يكن من هدي و فعل السلف الصالح، وهو من الأمور المحدثة
التي أحدثتها فرق التصوف في القرون المتأخرة .. وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وفي الحديث الصحيح:" من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد ".      

          وإذا كان ابن مسعود -رضي الله عنه- قد أنكر على أولئك الذين أحدثوا الحلق في المسجد من أجل الذكر بصوت مرتفع، وكانوا يعدون تسبيحهم، وتكبيرهم، وتهليلهم بالحصى .. وعد فعلهم هذا بدعة ضلالة، ومما قاله لهم: ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم، هؤلاء أصحاب نبيكم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل وآنيته لم تُكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد، أو مفتتحي باب ضلالة .. وإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حدثنا أن قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، وأيم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم، ثم تولى.
          فقال عمرو بن سلمة راوي الأثر: رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج. 
          قلت: فكيف بمن يحدث الحلق في المساجد من أجل الغناء أو الإنشاد، أو المدائح بأصوات مرتفعة كما هو حال الناس في المساجد التابعة للجماعات الصوفية .. لا شك أنهم أولى بمقولة ابن مسعود -رضي الله عنه-: إنكم لمفتتحي باب ضلالة ..!!
          إضافة إلى ذلك فإن مثل هذا الإنشاد بصوت مرتفع ـ وبخاصة إن كان بشكل دوري ومنظم ـ قد يؤذي المصلين، أو غيرهم ممن يقرأ القرآن، أو يجلس في مجالس وحلقات طلب العلم .. وهذا منكر آخر يحملنا على القول بالحظر والتحريم .. والله تعالى أعلم.
          أما إن كان هذا الإنشاد خارج المساجد بدون معازف، بعيداً عن الغلو في الإطراء .. تتخلله المعاني النافعة التي تشوق النفوس للجنان ولقاء الأحبة محمد -صلى الله عليه وسلم- وصحبه .. وكذلك إنشاد الأشعار التي تحيي معاني الجهاد في سبيل الله، وغيرها من المعاني الشرعية النافعة .. فكل هذا لا حرج فيه إن شاء الله؛ لثبوته عن السلف أولاً، ولما يترتب عليه من الفوائد العديدة التي نلمسها في واقع حياة الناس، والله تعالى أعلم.
مع التنبيه أن الأعراس والأعياد وبعض المناسبات الخاصة للإنسان؛ كالعودة من ظفر أو نصر  وغير ذلك .. حيث لها استثناء خاص يختلف بعض الشيء عما تقدم .. ويجوز فيها التوسع ـ المضبوط بضوابط وآداب الشرع ـ ما لا يجوز في غيرها، والله تعالى أعلم.