Pages

شروط الخروج على الحاكم، والتعلل بمصلحة الدعوة

س54: ما هي شروط الخروج على الحكام في الوقت الحاضر .. وبماذا نرد على من يتعلل بمصلحة الدعوة ..؟! 
          الجواب: الحمد لله رب العالمين . للخروج على أي حاكم يحكم بلاد المسلمين لا بد لذلك من شرطين:
          الشرط الأول: أن يقع في الكفر البواح الظاهر الذي لنا فيه برهان من ربنا -سبحانه وتعالى- .. والذي لا يحتمل تأويلاً ولا صرفاً .. لقوله -صلى الله عليه وسلم-:" إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان ". 
          قال الخطابي: معنى قوله بواحاً؛ يريد ظاهراً بادياً من باح بالشيء يبوح به بواحاً إذا أذاعه وأظهره .. ا- هـ.
          وفي قوله:" عندكم من الله فيه برهان " قال ابن حجر في الفتح: أي نص آية أو خبر صحيح لا يحتمل التأويل، ومقتضاه أنه لا يجوز الخروج عليهم ما دام فعلهم يحتمل التأويل ا- هـ .

          الشرط الثاني: توفر القدرة التي تمكن المسلمين من الخروج عليه .. فإن حصل العجز عن ذلك .. تعين عليهم إعداد القوة ـ ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً ـ التي تمكنهم من الخروج عليه واستبداله بحاكم مسلم آخر يحكمهم بالكتاب والسنة .. وليس لهم خيار آخر غير ذلك لقوله تعالى:] ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً [.
          أما من يرد ذلك متعللاً بمصلحة الدعوة .. فهو كالذي يرد حكم الله ورسوله بهواه أو بأي كلام آخر .. ولا يتشفع له كونه سمى رده لحكم الله ورسوله .. بمصلحة الدعوة .. فتغيير أسماء الأشياء وتسميتها بغير اسمها الحقيقي لا يغير شيئاً من حقيقتها ووصفها التي هي عليه !!
          فالذي يسمي رده لحكم الله تعالى .. بمصلحة الدعوة .. أو بالحكمة .. أو بالسياسة وغير ذلك من الألقاب، كل ذلك لا يمنع عنه وعن فعله وصف ومسمى الرد لحكم الله تعالى .. !
          وذلك أن المصلحة المنصوص عليها شرعاً لا يجوز ردها ومقابلتها بمصلحة نص عليها المخلوق من تلقاء نفسه وهواه .. فرد المصلحة التي نص عليها الخالق -سبحانه وتعالى- بالمصلحة التي نص عليها المخلوق .. هو كمن يقول أن المخلوق أدرى بمصلحة العباد من رب العباد .. والمصلحة التي شرعها المخلوق الجاهل الضعيف هي أفضل وأحسن لمصالح العباد من المصلحة التي شرعها الله تعالى وأمر بها .. وهذا عين الكفر البواح والعياذ بالله !
          وفي ذلك عظة لأولئك الذين يتسرعون في إطلاق الأحكام الجائرة الطائشة .. فهم ما إن يسمعوا منك كلمة الخروج على الحكام ـ ولو كان بالحق ووفق ما أمر الله ورسوله ـ إلا وتراهم يرمونك بالفتنة، وأنك من دعاة الفتنة، وأنك صاحب فتنة .. وهم بذلك كأنهم يقولون أن الله تعالى
يأمر بالفتنة ويدعو إلى الفتنة .. ويشرع لعباده الفتنة ..!!
والله تعالى يقول:] وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله [ . وقال تعالى:] والفتنة أشد من القتل [؛ أي فتنة الكفر والشرك .. وفتنة الرضى بالحاكم الكافر وحكمه ونظامه الكفري لهي أشد على العباد والبلاد من فتنة القتل والقتال والخروج على الحاكم الكافر المبدل لشرع الله تعالى . 
          وما تقدم لا يعني أننا ننفي شيئاً اسمه " مصلحة الدعوة " إذا كانت هذه المصلحة مستنبطة من نصوص وقواعد الشريعة .. بعيداً عن أهواء وتحسينات وإرجاف البشر .