س36: ماذا يقول فضيلتكم في مسألة كفر التعيين بالنسبة للأحزاب
المرتدة، أي هل ترون أن موانع التكفير تشمل المنتمين والمقاتلين في صفوف المرتدين
أم لا ..؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. الأحزاب
المرتدة المعاصرة متفاوتة ومتباينة فيما بينها من حيث صراحة الكفر ووضوحه .. ومن
حيث وقوعها وممارستها للكفر البواح .. فيوجد فرق مثلاً بين الحزب الشيوعي الذي
تقوم مبادئه على الإلحاد ومحاربة الأديان، وإنكار وجود الله .. وبين حزب مرتد آخر
جمع بين الحق والباطل .. يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض .. ويدعو عناصره إلى التمسك
بالفضائل العامة، واجتناب الرذائل المشينة .. وتحرير الأوطان وغير ذلك!
فالذي ينتمي للحزب الأول الشيوعي لا
يُعذر بالجهل ولا بأي مانع آخر من موانع التكفير .. ويكفر بعينه ولا بد .. وبخاصة
إن بلغ به الأمر إلى درجة أنه يقاتل في صفوفهم ضد أهل الإيمان والتوحيد .. بخلاف
الحزب الآخر الذي يحتمل وجود العناصر المضللين فيه نحو كفر وعمالة الحزب الذي
ينتمون إليه .. فهؤلاء لا شك أن ساحة التأويل والأعذار تتسع بحقهم بعض الشيء؛ فلا
يُكفَّرون بأعيانهم إلا بعد قيام الحجة الشرعية التي تدفع عنهم الجهل الذي كان
سبباً في انتمائهم لهذا الحزب أو ذاك .. وبخاصة إن كانوا من أهل القبلة والصلاة !
بمعنى آخر .. كلما اشتد كفر الحزب
المرتد .. وكان كفره ظاهراً بواحاً .. كلما ضاقت ساحة الأعذار والتأويل بحق أفراده
ولحق بهم حكم الكفر بأعيانهم وذواتهم .. وكلما كان كفر الحزب المرتد خفياً أو
مبطناً وغير بائنٍ إلا للمتخصصين .. كلما اتسعت ـ ولا بد ـ ساحة التأويل والأعذار
بحق أفراده التي تمنع من تكفيرهم بأعيانهم إلى أن تقوم عليهم الحجة من جهة نذارة
الرسل .. وبخاصة إن كانوا من أهل القبلة وعوام الناس !!
وعليه فالقول بأن كل من ينتمي لهذه
الأحزاب كفار بأعيانهم ولا يُعذرون بأي مانع من موانع التكفير .. هو قول غير دقيق
ولا سديد .. وكذلك من يقول أن كل من ينتمي لهذه الأحزاب من الأفراد معذورون بموانع
التكفير، ولا بد من قيام الحجة على أعيانهم قبل القول بكفرهم .. هو قول غير دقيق
ولا سديد ..!
والحق الذي نعتقده صواباً هو التفصيل
بين شخص وشخص .. وبين حزب وحزب .. كما تقدم في أول الجواب على هذا السؤال .. والله
تعالى أعلم .